فصل: مقدمة المؤلف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإقناع في القراءات السبع


بسم الله الرحمن الرحيم

.مقدمة المؤلف:

وبه أستعين، والحمد لله رب العالمين
قال الأستاذ الأجل أبو جعفر أحمد بن علي المقرئ -رضي الله عنه: الحمد لله الذي لم يجمع العلم لإنسان، ولا قصره على مكان، ولا حصره بزمان، بل بثه تعالى في العباد والبلاد، ونقله عن الآباء إلى الأولاد، وجعله ينابيع تطرد، ومصابيح تتقد، في التهائم والنجاد، ففي كل قاصية منه هدى ونور، ولواء منشور، وملأ مشهود محصور.
وصلى الله على من شق الإيمان من إيمانه، ويسر القرآن بلسانه، واختاره لأدائه وبيانه، صلاة زاكية ترضيه، وتوفي حقه وتقضيه، وعلى أصحابه الذين تلقوه من فيه رطبا غضا، ورقوه إلينا صريحا محضا، وعلى تابعيهم الذين اتبع في هداه بعضهم بعضا.
وبعد:
فإن العلم يتفاوت ويتفاضل، والعلماء تتبارى وتتناضل، وإن كان لكل مرتبة وقدر، فلحملة القرآن سنام وغارب وصدر، يعرف لهم ذلك أهل الإيمان، ولا ينكره مقر بالرحمن؛ لأنهم لكلام الله تعالى منتدبون، وبنجوم الوحي مقتدون، ولأمانته مؤدون، وبما عند الله مكتفون، ولأثر رسوله -صلواته وسلامه عليه- مقتفون، يفضل فضلا فيجرعون، ويرفع رجلا فيضعون، ويشير فينثالون، وينطق فلا يألون، فكأنهم إليه -صلى الله عليه وسلم- مجتمعون، ولما يتلوه منه مستمعون، فلأبصارهم خشوع وغض، ولهم على النواجذ عض، ودمعهم بما عرفوا من الحق مرفض، وإن اختلفوا في الأفهام، وتباينوا في الخواطر والأوهام، وكلا وعد الله الحسنى، وبوأه الله المحل الأسنى، وما ظنك بشيء للماهر به حظ من حظين، ولمن يشتد عليه تمام أجرين، لكن ليس من أينعت له أيكة العلم فهو يهدب، كمن اقتصر على رواية إليها ينتدب، ذلك تمتع بالجنى، وتصرف بين اللفظ والمعنى، ودنا فتدلى، وكشف له عن أسراره فاجتلى، وهذا خازن أمين أدى، وظرف باطنه عرف نضح بما فيه وأندى، فحسبك منه ما بدا، وأن تجد على النار هدى، أما إن دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- قد سبقت بنضرته، وحدتك إلى حضرته.
وإني تأملت كتابي الشيخين الإمامين: أبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي، وأبي عمرو عثمان بن سعيد القرشي -رضي الله عنهما- "التبصرة" و"التيسير"، فألفيت معناهما للاسمية موافقا، وباطنهما للعنوان مصاحبا مرافقا؛ لأنهما قرباهما للمبتدئ الصغير، وقصدا قصد التبصير والتيسير، وطولا مدى الكلام القصير، ولا درك عليهما، بل لهما الدرك والسبق الذي لا يدانى ولا يدرك، لكن في كتابيهما مجال للتهذيب، ومكان للترتيب، فكم هناك من منفرد حِيل بينه وبين أخيه، ونازح عن أمه وأبيه، ومنفصل عن فصيلته التي تؤويه.
ولما طالت بهما الغصة، ولاحت لي فيهما الفرصة، ورجوت أن أفوز باهتبالها، وأحرز ما يبقى من صيتهما وجمالها، واستخرت الله تعالى في ضم الشكل إلى شكله، وجمع ما تشتت من شمله، ورد النازح إلى أهله، في كتاب يسري في الآفاق نجما، ويكون كأحدهما حجما، وإن عجمه الباهر الماهر أربى وأقنع، أو سامه الشادي القاصر أعطى ومنع، بيد أنه لا يعتاص عليه منه إلا ما لا حظ له الآن فيه، وما دونه يحسبه ويكفيه، إلى أن يمتد محياه، وتشتد لحياه، فإني في مواضع صلحت فيها الزيادة، وتمت بها الإفادة، رفعت العنق إلى النص، وملت عن الأعم إلى الأخص، وفي مواضع أجحف فيها الحذف، وتقلص ثوب المعنى فلم يضف، مددت بقدر الحاجة من أنفاسها، وأضفيت إلى حد الكفاية من لباسها، وفي مواضع طال بها المدى، وترك الكلام سدى، فجرت العبارة بغير عنان، وبرئت من الخبر إلى العيان، ألممت كلا ولا، واكتفيت من القلادة بما أحاط بالطلا، وأدمجت باع العبارة في فترة الإشارة، وأثبتّ من الحدقة إنسانها، ومن القناة سنانها، ومن القلب ثمرته المحجوبة، ونكتته المطلوبة، إلى ما يتبع ذلك من تقسيم قسيم، وتفصيل أصيل، وتمييز وجيز، وتنبيه نبيه.
وحُقَّ على من أُوتي بسطة في اللسان، وبُوِّئ ذروة الإحسان، وأخذ عن النقاب الماهر، والشهاب الزاهر، أستاذ الأستاذين، وجهبذ الجهابذة الناقدين أبي الحسن علي بن أحمد -رضي الله عنه- بقية الأعلام، وذخيرة الأيام، فأتقن ما أخذ، وثقب ذهنه فنفذ، أن ينشر ما طواه، ويبث ما علمه ورواه، ويعطي الميثاق المأخوذ على العلماء حقه، ويبذل للناس تبريزه وحذقه، ويقرب عليهم البعيد، ويبدئ في مصالحهم ويعيد، وكم بت بهذه الأغراض معنى، وتصديت إليها متيحا معنا، وجمعت لها نفسي فنا فنا، ثم أسأت بالإحسان ظنا، فأخللت بما اعتقدت، وحللت ما عقدت، وبهرجت ما نقدت، وقاربت وسددت، وحاسبت نفسي وشددت، ثم استمر الرأي على تهذيبه وتخليصه، ومضت العزيمة في تنقيته وتمحيصه، وطالعت أبي -أيده الله- في مشكله وعويصه، فلما سره وأرضاه، وأقره وارتضاه، وتقلده وانتضاه، كشفت عنه قناعا مغدفا، وأطلعته نورا يجلو سدفا، ودرا فارق من الكتمان صدفا، استنادا إلى عارضته الشديدة المكينة، ومواده العتيدة المعينة؛ لأنه يغرف من بحور، ويسعى بين يديه أوضح برهان وأسطع نور، فدونك منه فائدة تشد الرحال فيما دونه، ويلقاها الرجال ولا يعدونها يتيمة فاردة، وغنيمة باردة، لم تنادك من وراء حجاب، ولا أوجف عليها بخيل ولا ركاب، وإذا واجهك منه رونق مجلو، وصافحتك أسانيد طمح بها علو، وأتيح لك على بعد الأعصار قرب ودنو، فقد ساعدتك الأقدار وخدمتك الأعمار، وحبس عليك الليل والنهار، حتى نلت أسباب السماء، وبلغك من لم تبلغه من العلماء، فكيف شكرك لمن سلكك في نظامهم، ورفعك إلى مقامهم، وخلطك بأعلامهم، وخلع عليك وقار أحلامهم.
نفعنا الله وإياك بما يسر إليه، وأعان عليه، وجعله ذخرا زاكيا لديه، فذلك بيديه، لا رب سواه، ولا حسنى إلا حسناه، وبالله التوفيق.

.باب: أسماء القراء ورواتهم وأسانيدهم وإسنادنا إليهم:

.أولهم نافع:

وهو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، مولى جعونة بن شعوب الشجعي، وبنو شجع من بني عامر بن ليث، وجعونة حليف حمزة بن عبد المطلب، وقيل: حليف العباس بن عبد المطلب، وقيل: حليف بني هاشم، إمام أهل المدينة، والذي صاروا إلى قراءته، ورجعوا إلى اختياره، قال ابن أبي أويس: قال لي مالك: قرأت على نافع، وقال الأصمعي: قال لي نافع: أصلي من أصبهان.
ويكنى أبا رويم، وقيل: أبا الحسن، وقيل: أبا عبد الله، وقيل: أبا عبد الرحمن، وقيل: أبا نعيم.
وهو من الطبقة الثالثة بعد الصحابة، وكان محتسبا، فيه دعابة، وكان أسود شديد السواد، توفي بالمدينة سنة تسع وستين ومائة، في خلافة الهادي، قاله إسحاق المسيبي وغيره، وقيل: سنة تسع وخمسين ومائة في خلافة المهدي، وقيل غير ذلك، والأصح ما بدأت به.

.راوياه:

1- ورش:
وهو عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق المصري، مولى آل الزبير بن العوام، يكنى أبا سعيد، وقيل: أبا عمرو، وقيل: أبا القاسم، وورش لقب له، قالوا: لشدة بياضه.
وأخبرنا أبي -رضي الله عنه- أن في "الغريب المصنف" عن الفراء: ورشت الطعام ورشا، إذا تناولت منه شيئا يسيرا، فلعله كان يكثر تصريف هذه الكلمة فعرف بها.
ولد بمصر سنة عشر ومائة، وقرأ على نافع سنة خمس وخمسين.
وتوفي بمصر سنة سبع وتسعين ومائة في أيام المأمون، وله سبع وثمانون سنة.
2- قالون:
وهو أبو موسى عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى بن عبد الصمد بن عمرو بن عبد الله المدني، وجده عبد الله سُبي من الروم في أيام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وبِيع في المدينة، فاشتراه بعض الأنصار فأعتقه، فهو مولى للأنصار، ذكر هذا الأهوازي، وعن غيره أنه مولى الزهريين.
ويقال: إنه كان ربيب نافع، وإنه هو الذي لقبه به لجودة قراءته؛ لأن "قالون" بلسان الروم "جيد".
ذكر عمر بن شبة عن مالك بن أنس أن عبد الله بن عمر كانت له جارية رومية، وكانت تقول له: أنت قالون، أي: رجل صالح.
وقال ابن أبي حاتم: كان قالون أصم، وقال غيره: كان يعلِّم العربية.
قال الأهوازي: ولد سنة عشرين ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وقرأ على نافع سنة خمسين ومائة، ومات سنة خمس ومائتين في أيام المأمون، وله خمس وثمانون سنة.

.الإسناد:

أما رواية ورش: فقرأت بها القرآن من أوله إلى آخره على أبي -رضي الله عنه- ختمات أربعا، سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، وأخبرني أنه قرأ بها القرآن كله على أبي القاسم نِعْم الخلف بن محمد بن يحيى الأنصاري المقرئ أربع ختمات، سنة أربع وخمسين وأربعمائة.
وأخبره أنه قرأ بها على أبي القاسم وليد بن عباس بن عبد الله الأصبحي المقرئ، يعرف بابن العربي، وقرأ ابن العربي على أبي الربيع سليمان بن هشام بن وليد بن كليب المقرئ.
وقرأ أبو الربيع على أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي، وعلى أبي عدي عبد العزيز بن علي بن محمد بن إسحاق بن الفرج المقرئ.
وقرأت بها القرآن كله على شيخنا أبي القاسم خلف بن إبراهيم بن خلف بن سعيد إمام المسجد الجامع بقرطبة، والمقرئ الخطيب به، نضر الله وجهه، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد الخزرجي المقرئ، يعرف بالأستاذ، سنة خمس وأربعين وأربعمائة.
وأخبرني أبي -رضي الله عنه- أنه قرأ القرآن أربع ختمات على المقرئ الخطيب أبي علي الحسين بن عبيد الله بن سعيد بن الحسن الحضرمي سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وأخبره أنه قرأ على أبي القاسم الأستاذ، وقرأ أبو القاسم على أبي الطيب بن غلبون.
وقرأت بها القرآن كله على أبي محمد عبد الله بن أحمد الهمذاني.
وأخبرني أنه قرأ على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد المعافري المقرئ الفقيه الزاهد، يعرف بابن الفراء، وأراني أبو محمد خط أبي عبد الله المقرئ له، بقراءته القرآن بجميع السبع عليه، وتاريخ الخط سنة أربع وستين وأربعمائة.
وأخبره أبو عبد الله أنه قرأ بها على أبي محمد مكي بن أبي طالب، وأخبره أنه قرأ بها على أبي الطيب، وعلى أبي عدي.
وقرأت بها القرآن كله ختمة واحدة على أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح إمام المسجد الجامع بإشبيلية، والمقرئ الخطيب به، أدام الله توفيقه.
وأخبرني أنه قرأ بها على أبيه أبي عبد الله محمد بن شريح المقرئ النحوي.
وأخبرني أبو القاسم شيخنا قال: قرأت بها على أبي القاسم عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب المقرئ بالأندلس، وعلى أبي محمد عبد المجيد بن عبد القوي المليحي المقرئ بمصر، وقرءوا ثلاثتهم على أبي العباس أحمد بن سعيد بن نفيس المقرئ.
وأخبرهم أنه قرأ بها على أبي الطيب، وعلى أبي عدي، وقرأ أبو الطيب على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن مروان.
وقرأ ابن مروان وأبو عدي معا على أبي بكر عبد الله بن مالك بن سيف.
وأخبرني أيضا أبو القاسم شيخنا قال: قرأت على عبد الوهاب، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي علي الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد الأهوازي بدمشق.
وأخبره أنه قرأ على أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الخرقي بالأهواز.
وأخبره أنه قرأ على أبي بكر بن سيف، وقرأ ابن سيف على أبي يعقوب يوسف بن عمرو بن سيار، ويقال: يسار الأزرق، وقرأ على ورش، وقرأ على نافع.
وقرأت بها القرآن كله مع غيرها على أبي بكر عياش بن خلف بن عياش المقرئ، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي عبد الله محمد بن عيسى بن فرج بن أبي العباس المقرئ المغامي، وأخبره أنه قرأ على أبي عمرو عثمان بن سعيد المقرئ.
وأخبره أنه قرأ على أبي القاسم خلف بن إبراهيم بن خاقان المقرئ بمصر.
وأخبره أنه قرأ بها على أبي جعفر أحمد بن أسامة التجيبي، وأخبره أنه قرأ على أبي الحسن إسماعيل بن عبد الله النحاس، على أبي يعقوب، على ورش، على نافع.
قال أبو جعفر: وقرأ أيضا أبو القاسم الأستاذ على أبي بكر محمد بن علي الأدفوي، وأخبره أنه قرأ على أبي غانم المظفر بن أحمد بن حمدان، على أبي جعفر أحمد بن هلال، على النحاس بإسناده.
وحدثني أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عتاب قراءة مني عليه، وسماعا عن أبي محمد مكي عن الأدفوي بإسناده.
وأما رواية قالون: فقرأت بها القرآن كله على أبي -رضي الله عنه- وأخبرني أنه قرأ بها على أبي علي الحضرمي، وأخبره أنه قرأ بها على أبي القاسم الأستاذ.
وقرأت بها القرآن كله على الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد الهمذاني.
وأخبرني أنه قرأ بها على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن سعيد المقرئ.
وأخبره أنه قرأ بها على أبي محمد مكي.
وقرأ مكي وأبو القاسم على أبي الطيب، وأخبرهما أنه قرأ على أبي سهل صالح بن إدريس، وأخبره أنه قرأ على أبي الحسن علي بن سعيد بن ذؤابة.
وقرأت بها القرآن كله على أبي القاسم خلف بن إبراهيم شيخنا، رحمه الله.
وأخبرني أنه قرأ بها على أبي القاسم عبد الوهاب بن محمد، وأخبره أنه قرأ بها على أبي علي الأهوازي، وأخبره أنه قرأ بها على أبي الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن سعيد البغدادي، وأخبره أنه قرأ بها على أبي الحسن محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت بن شَنَبوذ.
وقرأت بها القرآن كله على أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح.
وأخبرني أنه قرأ بها على أبيه، وأخبره أنه قرأ بها على أبي الحسن أحمد بن محمد القنطري بمكة.
وقال لي أبو القاسم شيخنا عن عبد الوهاب: إنه قرأ على القنطري، وأخبرهما أنه قرأ بها على الحسن بن محمد بن الحباب.
وقال لي أبو القاسم شيخنا: إنه قرأ بمصر بها على أبي محمد عبد المجيد بن عبد القوي المقرئ، وأخبره هو وابن عبد الوهاب أنهما قرآ بها على أبي علي الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، وأخبرهما أنه قرأ على أبي أحمد عبيد الله بن أبي مسلم الفرضي.
وقرأت بها القرآن كله مع غيرها على أبي بكر عياش بن خلف المقرئ.
وأخبرني أنه قرأ بها على أبي عبد الله محمد بن عيسى المغامي.
وأخبرني أبي -رضي الله عنه- قال: قرأت بها على أبي داود سليمان بن أبي القاسم المقرئ، وعلى أبي الحسن علي بن عبد الرحمن بن أحمد المقرئ، وقالوا ثلاثتهم: قرأنا على أبي عمرو عثمان بن سعيد المقرئ.
وأخبرني أبو القاسم شيخنا -رحمه الله- قال: قرأت بها بصقلية على أبي بكر محمد بن أبي الحسن المقرئ، قال: قرأت على أبي العباس أحمد بن محمد المقرئ الصقلي، وقرأ أبو عمرو وأبو العباس على أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي، وأخبرهما أنه قرأ بها على أبي الحسن عبد الباقي بن الحسن المقرئ، وأخبره أنه قرأ على إبراهيم بن عمر المقرئ.
وقرأ ابن الحباب والفرضي وإبراهيم بن عمر على أبي الحسين أحمد بن عثمان بن جعفر بن بويان.
وقرأ ابن ذؤابة وابن شنبوذ وابن بويان على أبي بكر أحمد بن محمد بن الأشعث، ويعرف بأبي حسان.
وقرأ أبو حسان على أبي جعفر محمد بن هارون المروزي، ويعرف بأبي نشيط، وقرأ على قالون، وقرأ على نافع.

.اتصال قراءته:

قال غير واحد عن نافع: إنه قرأ على سبعين من التابعين، سمى منهم خمسة، وهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وأبو داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأبو روح يزيد بن رومان مولى الزبير بن العوام، وأبو عبد الله مسلم بن جندب الهذلي قاص الجماعة بالمدينة، وشيبة بن نصاح بن سرجس بن يعقوب، مولى أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقال: إن كنيته أبو ميمونة.
وحكي عن أبي يعقوب الأزرق زيادة تسمية سادس، وهو صالح بن خوات بن جبير بن النعمان الأنصاري، وقرأ هؤلاء على أبي هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة.
وقرءوا على أبي الطفيل أبي بن كعب، وقرأ على النبي -صلى الله عليه وسلم.
قرئ على أبي علي الحسين بن محمد الصدفي وأنا أسمع، عن أحمد بن سوار المقرئ، حدثنا أبو الفرج الحسين بن علي الطناجيري، حدثنا عمر بن شاهين، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى القصباني.
وقرأت على أبي الحسن علي بن أحمد بن كرز المقرئ، عن عبد الوهاب بن محمد المقرئ، حدثنا أبو الحسن القنطري، حدثنا أبو إسحاق الباقرحي، حدثنا أبو طاهر بن أبي هاشم.
وحدثنا أبو داود، حدثنا أبو عمرو، حدثنا محمد بن أحمد قالوا: حدثنا ابن مجاهد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة، حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسحاق المدني، حدثنا عبيد بن ميمون التبان قال: قال لي هارون بن المسيب: قراءة من تقرأ؟ قلت: قراءة نافع بن أبي نعيم، قال: فعلى من قرأ نافع؟ قلت: أخبرنا نافع أنه قرأ على الأعرج، وأن الأعرج قال: قرأت على أبي هريرة، وأن أبا هريرة قال: قرأت على أبي بن كعب، وقال أبي: عرض علي النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: «أمرني جبريل أن أعرض عليك القرآن».

.ثانيهم ابن كثير:

وهو عبد الله بن كثير المكي الداري، والدار: بطن من لخم، منهم تميم الداري صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
وقيل: إنما نسب إلى دارين؛ لأنه كان عطارا، وهو موضع الطيب، وهذا هو الصحيح.
قالوا: وهو مولى عمر بن علقمة الكناني، وهو من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى بالسفن إلى اليمن حين طرد الحبشة عنها.
وكنيته أبو معبد، قال الأهوازي: وقيل: أبو بكر، وقيل: أبو عباد، وكان يخضب بالحناء، وكان قاص الجماعة بمكة، وهو من الطبقة الثانية من التابعين.
وفي كتاب أبي معشر الطبري: كان ابن كثير شيخا كبيرا، أبيض الرأس واللحية، طويلا جسيما، أسمر أشهل العينين، يغير شيبته بالحناء أو بالصفرة، وكان حسن السكينة.
ولد بمكة سنة خمس وأربعين في أيام معاوية، ومات بها سنة عشرين ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وله يومئذ خمس وسبعون سنة.
قال أبو جعفر: ما ذكر من تاريخ وفاته هو كالإجماع من القراء، ولا يصح عندي؛ لأن عبد الله بن إدريس الأودي قرأ عليه، ومولد ابن إدريس سنة خمس عشرة ومائة، فكيف تصح قراءته عليه لولا أن ابن كثير تجاوز سنة عشرين، وإنما الذي مات فيها عبد الله بن كثير القرشي، وهو آخر غير القارئ، وأصل الغلط في هذا من أبي بكر بن مجاهد، والله أعلم.

.راوياه:

1- قنبل:
وهو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن جرجة المكي المخزومي، كذا نسبه ابن مجاهد، وقال ابن عبد الرزاق: مخلد بن خالد، مكان محمد.
ويكنى أبا عمر، ويلقب قنبلا، ويقال: هم أهل بيت بمكة يعرفون بالقنابلة.
توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين وله ست وتسعون سنة، ذكره الأهوازي، وكان قد قطع الإقراء قبل أن يموت بعشر سنين، قاله أبو الطيب عن ابن عبد الرزاق.
2- والبزي: وهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة، واسم أبي بزة بشار، فارسي أسلم على يدي السائب بن صيفي، ويكنى البزي أبا الحسن، وكان مؤذن الحرم، قيل: هو مولى لبني مخزوم.
قال الأهوازي: توفي سنة سبعين ومائتين وله ثمانون سنة، وفيما قاله نظر، وما أظن موته إلا أقدم مما ذكر، والله أعلم.

.الإسناد:

أما رواية قنبل، فقرأت بها القرآن كله على أبي رضي الله عنه، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي علي الحضرمي، وأخبره أنه قرأ بها على أبي القاسم الأستاذ.
وقرأت بها القرآن كله على أبي القاسم فضل الله بن محمد بن وهب الله المقرئ، إمام جامع الزاهرة ومسجد بدر، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن شعيب المقرئ، وأراني خط أبن شعيب له بتلاوته جميع القراءات السبع عليه، وتاريخ خطه سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وأخبره أبو محمد أنه قرأ بها على أبي القاسم الأستاذ سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
وقرأت بها القرآن كله على أبي الحسن بن شريح، وأخبرني أنه قرأ بها على أبيه، وأخبره أنه قرأ بها على أبي العباس بن نفيس.
وقرأت بها على عياش بن خلف، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي عبد الله المغامي.
وأخبرني أبي -رضي الله عنه- أنه قرأ بها على أبي داود وأبي الحسن، وقرءوا ثلاثتهم على أبي عمرو، وقرأ على فارس بن أحمد.
وقرأ الأستاذ وابن نفيس وفارس على أبي أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري.
وقرأت بها القرآن كله على شيخنا أبي القاسم رحمه الله، وأخبرني أنه قرأ بها على عبد الوهاب بن محمد بالأندلس، وعلى أبي معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري الزاهد بمكة، وأخبراه أنهما قرآ بها على أبي عبد الله محمد بن الحسين الكارزيني، وأخبرهما أنه قرأ على أبي العباس الحسن بن سعيد المطوعي وأبي الفرج محمد بن أحمد الشنبوذي.
قال ابن عبد الوهاب: وقرأت بها على الأهوازي، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي العباس أحمد بن محمد بن عبيد الله العجلي.
وقرأ السامري والمطوعي والشنبوذي والعجلي على أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن إسماعيل بن مجاهد، وقرأ ابن مجاهد على قنبل.
وقرأت بها على فضل الله بن محمد، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي محمد بن شعيب، وأخبره أنه قرأ بها على أبي محمد مكي مرارا في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وأخبره أنه قرأ بها على أبي الطيب، وأخبره أنه قرأ بها على أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق بن الحسن الأنطاكي، قال: أخبرنا أبو عمر قنبل، وقرأت القرآن على أبي ربيعة عنه، قال أبو الطيب: فقلت له: كيف سمعت الكتاب منه ولم تقرأ عليه؟ فقال: كان قنبل قد قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين، وكان كتابه يُقرأ عليه، فسمعت الكتاب منه، ولم أقرأ عليه.
قال أبو جعفر: وحكى أبو الفضل الخزاعي قال: قال أبو ربيعة في كتابه لقراءة المكيين: "وأما قنبل فلم يكن له كتاب، ولكن رواية وحفظ يحفظ عن أصحابه، وكذلك أنا إنما حفظت قراءته وروايته عن النبال؛ لأني قرأت عليه دهرا، وختمت عليه ما لا أحصيه، فحفظت قراءته من فيه، ومن رده علي حفظا" هذا آخر كلام أبي ربيعة، والله أعلم بصواب ذلك.
قال أبو جعفر: وليس بين ابن عبد الرزاق وابن مجاهد خلاف على ما قرأنا به من طريق أبي الطيب عنه، وأرى ذلك؛ لأن أبا الطيب اعتمد على رواية ابن مجاهد عن قنبل، وإسناده إلى ابن مجاهد فيه نزول؛ لأنه قرأ على أبي سهل، قال: قرأت على أبي الحسن على ابن سعيد بن ذؤابة على ابن مجاهد، على قنبل، ولم يقل أبو سهل: على ابن مجاهد بغير قراءة عاصم رواية أبي بكر عنه وحده.
وقد أخذت طريق ابن عبد الرزاق عن قنبل تلاوة وسماعا من طريق أبي الحسن علي بن إسماعيل الخاشع، وأبي القاسم عبد الله بن اليسع الأنطاكي، وأبي العباس المطوعي، وغيرهم، كلهم قرأ على ابن عبد الرزاق، وعندهم عنه حروف خالف فيها ابن مجاهد.
وقد حدثنا أبو داود أنه سمع أبا عمرو قال: سمعت فارس بن أحمد يقول: انفرد ابن مجاهد عن قنبل بعشرة أحرف، ولم يتابعه عليها أحد من أصحابه.
وقرأ قنبل على أبي الحسن أحمد بن محمد بن عون النبال، وقال: قرأت على أبي الإخريط وهب بن واضح قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله القسط قال: قرأت على شبل بن عباد ومعروف بن مشكان، قالا: قرأنا على ابن كثير.
وأما رواية البزي: فقرأت بها القرآن كله على أبي -رضي الله عنه- وأخبرني أنه قرأ بها على أبي علي الحضرمي، وأخبره أنه قرأ بها على أبي القاسم الخزرجي.
وقرأت بها القرآن كله على أبي القاسم فضل الله بن محمد بن وهب الله المقرئ، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي محمد عبد الرحمن بن محمد بن شعيب، وأخبره أنه قرأ بها على الخزرجي سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة.
وقرأت بها القرآن كله على أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح، وأخبرني أنه قرأ على أبيه، وأخبره أنه قرأ على أبي العباس بن نفيس.
وقرأ ابن نفيس والخزرجي على أبي أحمد عبد الله بن الحسين السامري.
وقرأ أبو أحمد على أبي الحسن بن بقرة وأبي عبد الله محمد بن الصباح المكيينِ.
وقرأت بها القرآن كله على أبي القاسم خلف بن إبراهيم شيخنا رحمه الله، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي القاسم بن عبد الوهاب بالأندلس، وعلى أبي معشر الطبري بمكة، وأخبراه أنهما قرآ بها على أبي القاسم علي بن محمد بن علي الشريف الزيدي بحران، وأخبرهما أنه قرأ بها على أبي بكر محمد بن الحسن النقاش.
وقرأت بها على عياش بن خلف المقرئ، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي عبد الله المغامي.
وأخبرني أبي -رضي الله عنه- قال: قرأت بها على أبي داود وأبي الحسن، قالوا: قرأنا بها على أبي عمرو، وقال: قرأت على أبي القاسم عبد العزيز بن جعفر بن محمد الفارسي، قال: قرأت على النقاش.
وقرأ ابن بقرة وابن الصباح والنقاش على أبي ربيعة محمد بن إسحاق بن وهب الربعي، وأخبرهم أنه قرأ على البزي.
وقرأت بها على فضل الله بن محمد المقرئ، وأخبرني أنه قرأ بها على أبي محمد بن شعيب، وأخبره أنه قرأ بها على أبي محمد مكي، وأخبره أنه قرأ بها على أبي الطيب، وأخبره أنه قرأ بها على إبراهيم بن عبد الرزاق، قال: أخبرني بها أبو محمد إسحاق بن أحمد الخزاعي، قال: قرأت على البزي، وقرأ البزي على عكرمة بن سليمان بن عامر مولى جبير بن شيبة الحجبي، وعلى أبي الإخريط وهب بن واضح، وعلى عبد الله بن زياد الليثي، قالوا: قرأنا على إسماعيل القسط، قال: قرأت على ابن كثير نفسه، وكذا قال البزي.
وقد وجه أبو بكر الشذائي ذلك فقال: الروايتان صحيحتان؛ لأن القسط قرأ على شبل ومعروف قبل قراءته على ابن كثير.
وهذا الذي قال حسن، ويمكن أن يكون قرأ على ابن كثير بعد ذلك، وقد حكي عن البزي، عن عكرمة أنه قرأ على القسط، وعلى شبل بن عباد، وهذا أيضا مثله.

.اتصال قراءته:

أما اتصال قراءة ابن كثير بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ففي رواية قنبل والبزي أنه قرأ على أبي الحجاج مجاهد بن جبر مولى قيس بن السائب، وقرأ مجاهد على ابن عباس، على أبي، على النبي -صلى الله عليه وسلم.
وروينا عن محمد بن إدريس الشافعي الفقيه، عن القسط، عن شبل، عن ابن كثير أنه قرأ على عبد الله بن السائب بن أبي السائب صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقارئ أهل مكة، وقرأ عبد الله بن السائب على أبي بن كعب نفسه، وقرأ على النبي -صلى الله عليه وسلم.
وجاء من طريق ابن فليح وغيره أن ابن كثير قرأ أيضا على درباس مولى ابن عباس، وقرأ درباس على مولاه كالأول، وقرأ ابن عباس أيضا على علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت، وقرآ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم.